كتبت:هاتفه رشيد
تعقيبا على المقال الذي كتبه الكاتب أكرم عطا الله والذي أحدث ضجة
كبيرة , حيث تم تناقله في أكثر من موقع الكتروني كما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والوتس اب والسبب برأيي هو طرح الكاتب لمواضيع هامة من مبدأ جلد الذات وتعبيرا فائضا عن حجم القهر المتغلغل فينا نحن العرب .
و من مبدأ مخالف لجلد الذات وبعيدا عن التبهير في التعظيم والتفاخر بتاريخنا المجيد البائد . ومن مبدأ عدم الابحار والغوص كثيرا في التخيل قد يكون استجلاب ال ( لو ) هنا كصيغة لعرض وجهة نظر جديدة ورغبة لتغيير أمر واقع قاهر نعيشه . وبتسليط الضوء على نقاط جوهرية أعتقد أنه يجب ألا نغفلها لفهم واقعنا والانطلاق منه نحو وعي أفضل وهي :
أولا – نحن في قلب الصراع العالمي ومحوره : ان جوهر الصراع الاساسي القائم بين المعسكرات الكبرى في العالم والتي ندفع ثمنها غاليا نحن الشعوب العربية سواء في السابق أو حاليا وحتى لاحقا قائم على أساس الاقتصاد وكل السياسات في العالم ترسم خطاها بناء على المصالح الاقتصادية وما يعقبها من مصالح استراتيجية وعسكرية وعليه فليس خفيا على أحد ما للعرب من أهمية كقوة اقتصادية شئنا أم أبينا وبحكم موقعنا الجغرافي والثروات الباطنية والبشرية المتوفرة لدينا. لذلك سنبقى نعيش تحديات كبيرة سواء كانت حاضرا أم مستقبلا وسنبقى ندور في فلك الصراع حتى نهاية العالم . ناهيك عن الصراع العربي الاسرائيلي خاصة وما له من اشكاليات معقدة تطرح ابعادها الخطيرة على واقعنا الراهن وتؤجج من دمويته وتؤخر من حلحلته .
ثانيا – نحن العرب تحولنا الى وعاء لاستيعاب أزمة العالم المتحضر :
العالم الحالي بمعسكريه الشرقي والغربي يحتاج العرب و بشدة ولا يمكن الاستغناء عنهم أبدا كما بدا لي للكاتب أكرم عطا الله في مقاله.
لقد أصبحنا ذلك الوعاء الكبير لاحتواء الازمات الاقتصادية لهذه الدول ولن أبالغ في تحليلي ان توقعت أن كثير من الدول الرأسمالية صامدة حتى الان و تتغذى بوجودها واستقرارها بسبب نظامها القائم على الاحتكار ورأس المال وتصدير أزماتها الى الشعوب الاخرى كشعوبنا العربية بشكل اساسي مستغلة نقاط ضعفنا التي تستخدمها ورقة رابحة في الابقاء على حالة التبعية .. والخطير في العقود الاخيرة خصيصا بعد سيطرة العولمة والتكنولوجية ليس فقط الابقاء على حالة التبعية للشعوب العربية وإخضاعها كما كان سابقا فقط و إنما استغلال هذه الشعوب في ابقائها بحالة الاحتواء لازمات العالم المعاصر بمعنى أنه المطلوب منا أن نكون حاضرين في حالة مستمرة و جاهزة لتسويق منتجات تلك الدول الصناعية والتكنولوجيا الحديثة وخصيصا منتجاتها من الاسلحة والمعدات العسكرية ناهيك عن خبرائها و التي تجعل من اقتصاد تلك الدول في حالة من الثبات والقوة والسيطرة على العالم .(حيث تعد الولايات المتحدة الامريكية كبكرى الدول العظمى في العالم حاليا أكبر مصدر للأسلحة وتستحوذ على 30 في المائة من السوق تليها روسيا ومن ثم ألمانيا وفرنسا ثم الصين وإسرائيل ) المصدر اخبار سكاي نيوز 15 /10/2013.
(الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أعلن في كانون الثاني 2015 في اجتماع لجنة التعاون العسكري مع الدول الامنية ان حجم الصادرات الاسلحة الروسية عام 2014 تجاوز 14 مليار دولار . حيث انها تصدر الاسلحة لحوالي 60 بلد حول العالم . )
بعد انتهاء الحرب الباردة المعلنة بين المعسكرين الغربي والشرقي وسباق التسلح الهستيري بينهما نتج عنها بالضرورة توفير سوق جديدة لتصريف هذه الاسلحة وبشكل فعال ومستمر عبر سباق تسلح جديد تكون الدول الحليفة والتابعة لها مسرحا لهذه السوق اما عبر تحالفات جديدة ضامنة لاقتصادها وتبعيتها أو عبر حروب طاحنة لإخضاعها سواء عن طريقها بشكل مباشر والتي أثبتت فشلها كما في الحرب على العراق وأفغانستان أو عن طريق غير مباشر عبر إشعال نار الفتنة المستعرة كما هو الحال في أكثر من منطقة في الشرق الاوسط وإشغالنا بحروب داخلية دموية وصراعات دينية وطائفية واثنيه وقومية وهذه الصراعات والاختلافات بالأساس موجودة و من طبيعة تكويننا التاريخي والثقافي والاجتماعي ولكن يجري العمل على شحنها وتكريسها لخدمة سياسة تلك الدول . وبعد أحداث 11 ايلول 2001 ابتدعوا طبقا شهيا على موائدهم السياسية و الاعلامية الدسمة ألا وهي تعزيز الحرب العالمية ضد الارهاب الذي هم أوجدوه في الاساس وغذوه ابتداء من تنظيم القاعدة ووصولا لداعش .
.وآليات الطريق غير المباشر تسهم بها بشكل كبير سياسات الدول المعلنة والغير معلنة عن طريق أجهزة مخابرات تلك الدول معتمدة على أحدث الوسائل العلمية والتكنولوجية و الاستفادة من قوة الاعلام وتأثيرها وحديثا وسائل التواصل الاجتماعي لتمرير مؤامراتهم الخبيثة وإبقاء الوضع مشتعل الى أبعد مدى ممكن طالما أن هذه السياسة تحقق لها الارباح المرجوة من خلال رفع سوية الصراع الداخلي داخلي والصراع بين الدول العربية نفسها والدول المجاورة لها .
ثالثا – أين يكمن الحل في حل الازمات المشتعلة بالمنطقة
طبعا لا يوجد حل سهل وسريع وفي ظل قراءة نقدية للواقع العربي من الواضح ان هناك دول عربية تدفع الثمن غاليا دون غيرها من الدول وهذا له وقفه اخرى يطول شرحها .
ولكن من الهام تسليط الضوء على أهمية رفع وعي العرب لحقيقة ما يجري وإيمانهم العميق بخطورة وعيهم هذا.
حيث يعتبر تشكل وعي عربي حر رافض للسياسات الانهزامية والتسلطية سواء من قبل حكوماته أو من قبل سلطة العالم الرأسمالي والاشتراكي على حد سواء أول خطوة على طريق الحل الطويل والمخاض الصعب الذي تعيشه أمتنا العربية .. وهو هام جدا في ايجاد السبيل الى التخفيف على الاقل من الازمات التي نعيشها الان والتي سنعيشها لاحقا . وبرأي تقع المسؤولية على عاتق كل عربي مؤمن بأننا خير امة أخرجت للناس و من لديه وعي حقيقي بخطورة المرحلة و العمل عبر كل الوسائل المتاحة للابتعاد عن الخطاب الطائفي واحترام رأي الآخر وتقبله على اختلافه وتشعباته , ناهيك عن مسؤولية منظمات المجتمع المدني وغيرها والأحزاب و توفر اعلام مسؤول بعيدا عن أجندات جاهزة توجهه للعمل .هدفه الوحيد خدمة مصالح العرب المشتركة فقط والتي لا تتقاطع مع مصالح غيرها من الدول .